jeudi 1 mars 2012

تجارة السلاح... تجارة الموت



640 مليون قطعة سلاح تقتل ألف شخص يوميا

  • سماسرة السلاح يبيعون الموت ويحققون الثراء
  • تجارة السلاح تغذي أكثر من 40 صراعاً بالعالم
  • التصدير العالمي للأسلحة الخفيفة يأتي من أمريكا والدول الأوروبية
  • إنتاج 4.37 مليون قطعة سلاح فردي في أمريكا سنوياً

"الحرب علي الإرهاب" إلي زيادة عدد الأسلحة المصدرة، وخاصة من الولايات
المتحدة والمملكة المتحدة، إلي الحلفاء الجدد (مثل باكستان، وإندونيسيا
والفلبين)، بغض النظر عن دواعي القلق المتعلقة بحقوق الإنسان أو التنمية.
فقد أصبحت حيازة أسلحةٍ أكثر فتكاً جزءاً لا يتجزأ من الحياة
اليومية في كثيرٍ من بلدان العالم. ففي أوساط المزارعين في شمال أوغندا،
حلت بنادق كلاشينكوف (أي كي 47) محل الرماح، وفي الصومال غدا الآباء
يطلقون علي أطفالهم أسماء "عوزي" و"كلاشينكوف"، وفي بلدانٍ أخري مثل
العراق، أصبح هناك في المتوسط أكثر من بندقية لكل فرد من السكان.
ان "الحكومات، في انشغالها بالبحث عن أسلحةٍ نووية وبيولوجية
وكيماوية، في إطار حربها ضد "الإرهاب"، قد أغفلت أساساً "أسلحة الدمار
الشامل" الحقيقية، ألا وهي الأسلحة الصغيرة، ومن ثم يستمر انتشار هذه
الأسلحة علي حساب مئات الألوف من الأرواح".
من افريقيا الي البوسنة ثم عودة الي افريقيا ومنها للشرق
الاوسط...تلهث التجارة السرية في البنادق والذخيرة في أغلب الاحيان وراء
الحروب في شتي انحاء العالم.
ويقوم بالوساطة سماسرة مجهولون سهلوا هذه التجارة التي يبلغ
حجمها مليارات الدولارات منذ الخمسينات والستينات عندما كانت الولايات
المتحدة والاتحاد السوفيتي يتدخلان بتسليح حلفائهما لخوض حروب بالوكالة في
اطار الحرب الباردة الجارية بينهما.
وقد كشفت دراسة دولية نشرت في بريطانيا، عن أن هناك 640 مليون
قطعة سلاح في العالم تقتل أكثر من ألف شخص يوميا، ويجري إنتاج ثماني
ملايين قطعة سلاح أخري كل عام. وقال نشطاء في مجال الحد من استخدام
الأسلحة النارية، إن ثلاثة من كل عشرة أشخاص استطلعت آراؤهم في إطار دراسة
شملت ست دول، قالوا إنهم إما كانوا ضحايا لهجوم مسلح أو يعرفون شخصا وقع
ضحية لهجوم من هذا النوع خلال الأعوام الخمسة الماضية. 
وأفادت حملة "كونترول ارمز" التي تهدف إلي تشديد القيود علي
الأسلحة النارية في بيان، أن الدراسة التي شملت نحو ألف مشارك في كل من
البرازيل وبريطانيا وكندا وغواتيمالا والهند وجنوب إفريقيا أظهرت وجود
تأييد كبير لتشديد القيود الدولية علي تجارة الأسلحة النارية. 
و"كونترول ارمز" مبادرة تشارك فيها منظمة العفو الدولية ومنظمة
اوكسفام الخيرية وشبكة التحرك الدولي بخصوص الأسلحة الصغيرة والتي تضم
مئات الجماعات التي تسعي لتشديد القيود علي السلاح من مختلف أرجاء العالم.


وتقول كونترول ارمز إن هناك نحو 640 مليون قطعة من الأسلحة
الصغيرة والأسلحة الخفيفة في العالم وانه يجري إنتاج ثمانية ملايين قطعة
سلاح أخري كل عام. وأضافت إن هذه الأسلحة تقتل أكثر من ألف شخص يوميا.
ودعت كونترول ارمز الحكومات لطرح مبادئ دولية لتنظيم نقل الأسلحة وضمان
عدم وصولها إلي أيدي منتهكي حقوق الإنسان. 
وقال 30 في المئة من المشاركين من الدول الست إنهم إما تعرضوا
للتهديد بالاعتداء عليهم بسلاح ناري أو أصيبوا في هجوم مسلح أو أن أحد
أقاربهم أو معارفهم أصيب أو قتل بالرصاص في الأعوام الخمسة الماضية. 
وقال أكثر من 60 في المئة من المشاركين إنهم قلقون من أن
يصبحوا ضحايا لعنف مسلح. وكانت نسبة من قالوا ذلك الأعلي في البرازيل إذ
بلغت 94 في المئة والأدني في كندا 36 في المئة.
وتقول انثيا لوسون المتحدثة باسم شبكة التحرك الدولي "في أماكن
مثل شمال كينيا نري الرعاة يستخدمون بنادق الكلاشنيكوف في نزاعات علي دخول
مناطق المياه التي يتضاءل عددها في حين كانوا من قبل يتفاوضون علي ذلك أو
علي الأقل يستخدمون أساليب أقل فتكا".
وأضافت "كان يتردد من قبل أن الضحايا الرئيسيين للأسلحة
النارية هم النساء والأطفال. لكن هذا غير حقيقي. الشبان هم الضحايا
والقتلة في آن واحد".
وتريد الشبكة من الحكومات وضع معايير عالمية لتنظيم عمليات
النقل الدولية للسلاح وحيازة المدنيين له. وتريد كذلك إدراج منع العنف
المسلح في مشروعات التنمية والتمويل.
وقالت لوسون "كل الأسلحة تبدأ كأسلحة مشروعة...ماذا يحدث بعد
ذلك ومن أين تبدأ المشكلة" مشيرة إلي أن 60 في المئة من الأسلحة هي في
أيدي المدنيين.
وأضافت "أقل من 40 دولة لديها قوانين تنظم السمسرة في تجارة
السلاح... وأغلب القوانين لا تشمل العمل خارج حدود الدول. ويسمح ذلك
للسماسرة بالإفلات من العقاب لأنهم نادرا ما يملكون أو يلمسون الأسلحة"
وقال وود خبير الأسلحة الصغيرة في تقرير صدر في مايو الماضي إن
الأسلحة تصل بشكل متزايد إلي المناطق المفروض عليها حظر سلاح أما بان توجه
إليها أصلا أو يغير مسارها للوصول إليها أو إنها تصل إلي متمردين وعصابات.
ومما يعقد الأمر أن الحكومات تخفض قواتها المسلحة وتعتمد علي موردين من
القطاع الخاص في نقل أسلحتها في ظل قيود محدودة.
وقال سمسار السلاح الأوروبي "عندما بدأت الحرب الأهلية في
البوسنة جاءت أول تدفقات السلاح من لبنان -حيث هدأ القتال- لتصل إلي مسلمي
البوسنة الذين يواجهون جيشا صربيا عالي التسليح".
وقال وود في تقريره إنه بعد الحرب شحن نحو 200 ألف من هذه
البنادق لصالح وزارة الدفاع الأمريكية إلي العراق لتسليح الجيش الجديد
وضلت شحنة واحدة علي الأقل طريقها لتصل في النهاية علي الأرجح إلي أيدي
المقاتلين.
وتعتبر الولايات المتحدة هي أكبر مصدر للبنادق تليها ايطاليا والبرازيل وألمانيا وبلجيكا وروسيا والصين وبريطانيا والنمسا واليابان.


لكن تظل هناك منطقة رمادية شاسعة لا تشمل الدول أو عملاء لها
يتاجرون في أسلحة من طرف ثالث بل تشمل مقاولين من الباطن يتعاقدون علي
الإنتاج في أجزاء أخري من العالم.
فدولة مثل الصين لا تحتاج لقيود علي السلاح لأن كل إنتاجها
للاستخدام المحلي. لكنها تصدر تراخيص للإنتاج في دول مثل زيمبابوي وتباع
هذه البنادق في مختلف أرجاء القارة."
وقال وود إن الولايات المتحدة لديها كذلك "تفسير متساهل لما يعتقدون انه نقل بشكل أخلاقي للسلاح".
وأضاف "هم في الأساس يسعون للحصول علي معدات الكتلة الشرقية السابقة -أعضاء حلف وارسو- بأرخص سعر ممكن لنقلها إلي حلفائهم".
وتابع "هم في بعض الأحيان يسلحون جماعات معارضة مثل التحالف
الشمالي (في أفغانستان) وهكذا. وكانوا يستخدمون علي مدي العقد الماضي أو
نحو ذلك فوائض الإنتاج الرخيص في البلقان -ألبانيا والبوسنة وصربيا-
واستخدموا أشخاصا آخرين في المنطقة لنقله".
تجارة السلاح في الاستراتيجيات الدولية الحديث عن الاتجار في
السلاح والأموال والصفقات الهائلة التي تنطوي عليها هذه الصناعة يجب أن لا
يقود إلي الظن بأن التعاملات في هذا الإطار تنحصر في السياق التجاري
والبحث عن الربح فقط. بل إن الأهم من ذلك هو التأكيد علي النظر إلي تجارة
السلاح علي أنها تأتي في سياق إستراتيجيات الدول الكبري وتحالفاتها مع
الدول التي لا تستطيع تصنيع السلاح بل تبذل قصاري جهدها لشرائه.
ومن هنا وخلال عقود الحرب الباردة شهد العالم نمطا أساسيا في
حركة انتقال الأسلحة والصفقات المعقودة، وكانت بشكل أساسي تتبع أنماط
التحالفات والاصطفافات التي انقسم إليها العالم في تلك العقود. فقد كانت
الولايات المتحدة تبيع الأسلحة للدول المنخرطة في محور العالم الغربي أو
الرأسمالي فقط، في حين كان الاتحاد السوفياتي في المقابل يبيع الأسلحة
للدول الحليفة له من الكتلة الشرقية سواء في أوروبا أو خارجها إلي الدول
الأفريقية والآسيوية.
وفي كثير من الأحيان في تلك الحقبة كانت الصفقات المعقودة
-خاصة مع الدول الفقيرة- لا تتم وفق المعايير الاقتصادية والتجارية
والربحية المعهودة، بل إن العديد منها كان يتم في إطار الدعم والتعاون
الإستراتيجي وبتسهيلات دفع كبيرة، فضلا عن ذلك فإن الدولتين الأكبر
-الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي- كانتا تراقبان عن كثب اندلاع أي
حرب أو صراع مسلح في العالم تستخدم فيه أسلحتهما، وذلك لاختبار مدي فاعلية
تلك الأسلحة.
اما في الوضع الإستراتيجي العالمي بعد الحرب الباردة فإن أبرز
سوق للأسلحة الثقيلة والتقليدية كان شرق أوروبا. والسبب في ذلك هو توسع
حلف شمال الأطلسي "الناتو" وحصول الكثير من الدول ممن كانت أعضاء في حلف
وارسو سابقا، علي العضوية فيه. وكانت نتيجة هذا الانضمام اضطرار الدول
الجديدة إلي تحديث جيوشها وآلتها العسكرية بحسب اشتراطات حلف الناتو، وهذا
يعني انطلاق صفقات تسلح جديدة أهم المستفيدين منها هم الشركات الأمريكية
والبريطانية التي تصنع الطائرات والدبابات الغربية المشكلة لقوام تسلح حلف
الناتو.
وتجارة السلاح لا تتوقف عند الأسلحة الثقيلة كالطائرات
والدبابات، بل تتسع لتشمل الأسلحة الخفيفة مثل الرشاشات والكلاشينكوفات
والمسدسات والصواريخ التي تحمل علي الكتف مثل صواريخ ستينغر الشهيرة. ففي
كثير من الصراعات والنزاعات -خاصة الحروب الأهلية والإثنية- تلعب الأسلحة
الخفيفة دورا أكثر أهمية من تلك الثقيلة، وآثارها التدميرية قاتلة خاصة
علي صعيد عدد الضحايا المدنيين. يضاف إلي ذلك أن رخص الكلفة النسبية لهذه
الأسلحة يسهل عملية الحصول عليها والتمكن من دفع ثمنها.
ومرة أخري فإننا نجد هنا أن المصدر الأساسي لهذه الأسلحة هو
الدول الغربية الكبري، رغم أنه يضاف إليها دول أخري حيث إن ما يقارب نصف
حجم التصدير العالمي في مجال الأسلحة الخفيفة يأتي من الولايات المتحدة
والدول الأوروبية. وأهم سبع دول مصدرة للأسلحة الخفيفة هي: الولايات
المتحدة، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، روسيا، الصين وإيطاليا.
ويطلق اسم "الدزينة القذرة" علي 12 بلدا وهي التي تعتبر أكثر
الدول إنتاجا وتصديرا واتجارا بالأسلحة الخفيفة. وهي بالإضافة إلي الدول
السبع المذكورة أعلاه: بلجيكا، وبلغاريا، وإسرائيل، وجنوب أفريقيا. ويبلغ
حجم التجارة السنوي بالأسلحة الخفيفة علي مستوي العالم ما بين 4 إلي 6
مليارات دولار، تضاف إليها سوق سوداء في هذا الحقل يزيد علي مليار دولار.
ويمتد استخدام الأسلحة الخفيفة -خاصة المسدسات والأسلحة
الفردية- إلي الساحات الغربية وخاصة الأمريكية نفسها من قبل المواطنين.
وتقول إحدي الإحصائيات إن هناك 4.37 مليون سلاح فردي ينتج في الولايات
المتحدة كل سنة، وإنه بين عامي 1945 و2000 أنتج في العالم ما يتجاوز 347
مليون سلاح فردي.
وعلي مستوي عالمي فإن تجارة السلاح تعمل علي تغذية أكثر من 40
صراعا في مختلف مناطق العالم، فمثلا هناك في منطقة البلقان أكثر من 600
ألف قطعة سلاح. كما أن الفوضي العارمة التي نشبت في وسط أفريقيا (حرب
الكونغو) وانخراط أكثر من دولة أفريقية فيها، كان أحد أسبابها الرئيسية
تدفق السلاح من الدول الغربية علي الأطراف المتنازعة.
والغريب في موضوع تجارة السلاح وتجاره هو انعقاد معارض السلاح
بشكل دوري في أكثر من عاصمة عالمية، وحيث يتم عرض آخر مبتكرات أدوات الموت
وكأنها بضائع عادية. ويأتي إلي تلك المعارض السماسرة ومندوبو الدول
والمنظمات والجماعات المسلحة ويعقدون الصفقات.
ويأتي في سياق تغذية الصراعات الإقليمية ما تقوم به الدول
الكبري من اتفاقات مع الدول المنخرطة في الصراعات، تحت مسمي "الشراكة".
وهذه الشراكة يفترض أن تكون تنموية بحيث تقدم الدول الغنية مساعدات فنية
بهدف تطوير البني التحتية أو تخفيف ضغوط الفقر، لكن الغريب أن كل
المساعدات تأتي في المجال العسكري، ولإجبار القطر المعني علي شراء أسلحة
جديدة. كما تمتد الشراكة لتتضمن التدريب والتأهيل العسكري وتخصيص
الميزانيات التي يفترض أن تنفق في مشروعات تنموية علي التدريب العسكري.


تجارة السلاح وحقوق الإنسان
إن الدول الغربية تخرق الكثير من المعاهدات والمواثيق التي
تقرها هي نفسها بشأن كيفية ممارسة وتطبيق بيع السلاح. ومن أهم تلك
المواثيق والاتفاقيات ما يتعلق بحظر البيع للدول التي تنتهك فيها حقوق
الإنسان بشكل فظيع.
هناك قوانين أقرها الكونغرس الأمريكي وأقرها الاتحاد الأوروبي
تفيد بأنه لا يجوز قانونيا ودستوريا إقرار أي صفقة أسلحة لأي بلد من
البلدان تنتهك فيه حقوق الإنسان، من ناحية، أو يعتقد في أن الأسلحة
المباعة يمكن أن تستخدم استخدامات هجومية ضد مجموعات إثنية أو دينية أو
غيرها بشكل خارج القانون الدولي، وليس للدفاع عن النفس.
ويشير أيضا إلي أن بعض الدول كانت قد أعلنت تبنّيها "سياسة
خارجية ذات بعد أخلاقي"، كما هي حالة حزب العمال البريطاني سنة 1997 عندما
أعلن وزير الخارجية آنذاك روبن كوك مثل تلك السياسة، وهي تعني إخضاع
السياسة الخارجية لضوابط أخلاقية مثل مراعاة حقوق الإنسان، وعدم التعاون
مع دول محددة في مجالات تصدير الأسلحة وغيرها. إلا أن كل تلك السياسات تم
الدوس عليها عند التطبيق العملي.

حيث ان حزب العمال تورط في توريد الأسلحة لأطراف منخرطة في
صراعات دامية مثل الهند وباكستان رغم وجود أزمة كشمير والمخاطر التي
تمثلها. كما أن حالات إندونيسيا والسعودية وتركيا هي حالات بارزة علي دول
تنتهك حقوق الإنسان، لكن علاقات التسلح بينها وبين الولايات المتحدة
والغرب قوية ومستمرة.
أما حالة إسرائيل فهي من أوضح الحالات التي يتم فيها انتهاك
حقوق الإنسان من قبل نظام يستورد أسلحة من الدول الغربية التي تقول إنها
لا تسمح باستخدام أسلحتها ضد المدنيين.
إن "تجارة الأسلحة أصبحت خارج نطاق السيطرة، فهي مشكلة عالمية
لها عواقب مروِّعة علي المستوي المحلي، ويعاني الفقراء من معظم تبعاتها.
وهناك حاجة ملحَّة لوضع اتفاقيةٍ بخصوص تجارة الأسلحة، من أجل وقف تدفق
الأسلحة إلي مرتكبي الانتهاكات، ومن أجل جعل مجتمعاتنا أكثر أمناً"

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire