بعد أن أصدرت المحكمة الإبتدائية العسكرية الدائمة بتونس يوم الخميس الماضي الحكم النهائي في قضيّة قتلة شهداء إقليم تونس الكبرى و ولايات بنزرت ونابل و زغوان و سوسة و المنستير، و الذي سبقه الحكم النهائي من طرف المحكمة الإبتدائية العسكرية الدائمة بالكاف في قضيّة قتلة شهداء تالة و القصرين و تاجروين و القيروان، نشرت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الشهداء و الجرحى “لن ننساكم” بيانا أطلقت عليه عنوان بيان الكرامة و دعت الجمعيّة التي تضمّ عائلات شهداء من كافّة أنحاء الجمهورية في نصّ البيان إلى حملة “خلّص الكرطوشة” لجمع ثمن الرصاص الذي قُتل به أقاربهم قصد التبرّع به للرؤساء الثلاثة : رئيس الحكومة حمّادي الجبالي، رئيس الجمهورية منصف المرزوقي و رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، و هذا نصّ البيان :
بيان الكرامةبعد الأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية الإبتدائية بالكاف يوم 13 جوان 2012 و المحكمة العسكرية الدائمة بتونس يوم 19 جويلية 2012 في ما يتعلق بقضايا شهداء و جرحى الثورة و أقل ما يمكن أن يقال عليها أنها أحكام لم تكشف لنا حقيقة من جرح ومن قتل أبنائنا
” شكون قتلهم …؟ ”ولذلك تعتزم الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق شهداء وجرحى الثورة التونسية ” لن ننساكم ” و بمشاركة عوائل الشهداء و الجرحى تنظيم حملة تبرعات تحت عنوان ” خـــلـــص الكــــرطـــوشـــة ”
من أجل سداد ثمن الرصاص الذي أصاب فلذات أكبادنا إبان الثورةعلما أنه سيتم تسليم جملة هذه التبرعات إلى الرؤساء الثلاثةالمجد والخلود للشهداء ء عاشت تونس حرة مستقلة
تأتي إذا حملة “خلّص الكرطوشة” لتُجسّد آلام عائلات الشهداء و الجرحى بمبادرة ساخرة من الحكومة الحالية و لتدّق الإسفين الأخير في نعش مسار “العدالة الإنتقالية” المتعثّر في تونس، إذ بعد التحرّكات السابقة التي كان ممكنا أن نستشفّ منها أملا و لو ضئيلا في المجلس التأسيسي و في إمكانية تفعيله سحب قضايا الشهداء و الجرحى من القضاء العسكري المُختل هيكليّا وعمليّا و إرساء هيكل قضائي متخصّص يتكفّل بإماطة اللثام عن حقيقة المجازر التي حصلت في تونس منذ 17 ديسمبر 2010، اقتنعت عائلات الشهداء و الجرحى أمام تراكم خيبات الأمل أنّ العقبة الحقيقية التي تحول دون معرفة من قتل أبنائهم تتمثّل في غياب الإرادة السياسية للمحاسبة و محاولة مؤسسات الدولة تقديم المصالحة على المحاسبة.
تجدر الإشارة أنّ واحدة من “أعرق” الديكتاتوريات في العالم و هي الحكومة الصينيّة في إجراء سادي و مُذلّ، عملت في الماضي على إرسال فواتير الرصاصات التي يتطلبها كل حكم إعدام على معارض سياسي إلى عائلته ليدفعوا ثمنها.
على ضوء هذه المبادرة لعائلات الشهداء و الجرحى و ما تحمله من أبعاد رمزية فإنّ القناعة لدى المحلّلين أنّ فرضيّةاللجوء للقانون الجنائي الدولي بالنسبة لقضايا قتلة شهداء الثورة في تونس هي الحلّ الجديّ الوحيد للولوج إلى الحقائق تزداد رسوخا يوما بعد يوم و كان أستاذ القانون الدولي عبد المجيد العبدلي قد أشارلإمكانية اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية بما لديها من آليات متطورة قانونيا تتجاوز كلّ أنواع الحصانات و نبّه لإنضمام الدولة التونسية للإتفاقية المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية غُرّة سبتمبر 2011.
من جهة أخرى قرّرت عائلات شهداء منطقة الكرم الغربي في الضاحية الشمالية للعاصمة الدخول في إضراب جوع مفتوح إبتداء من الإثنين 23 جويلية 2012 احتجاجا على ما اعتبروه عدم جديّة من القضاء العسكري في التحقيق حول مقتل أبنائهم خلال الثورة و تحديدا يوم 13 جانفي 2012، كما صرحت العائلات أنّها ستعقد ندوة في الكرم يوم الخميس المُقبل ستعرض أثنائها وثائق حصريّة و أشرطة فيديو لم تُنشر من قبل تُظهر بوضوح فصولا مُغيّبة من ملحمة الكرم الغربي، سُلّمت هذه الأدلّة في السابق للمحكمة العسكرية بتونس و ستُعرض يوم الخميس المُقبل على الرأي العام بعد أن فقدت عائلات الشهداء الثقة في القضاء العسكري.
المصدر نواة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire