mercredi 11 juillet 2012

كلمة الأستاذ حازم القصوري رئيس جمعية تونس الحرة في المؤتمر الديبلوماسي للأمم المتحدة بخصوص تجارة الأسلحة

                                    

نيويورك 11  جويلية  2012


السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

يسعدني في هذا المؤتمر التاريخي أن أقف بينكم ونحن على وقع هتافات الربيع العربي الذي إنطلق.. من تونس تحديدا وإنتقل إلى جغرافية المنطقة العربية بأسرها في تحركات سلمية  من أجل الحريَّة و الكرامة و العدالة الإجتماعية. أما فرحة هذا الربيع لم تكتمل، بعد أن نغصها قرقعة السلاح ودوي المدافع في تالة..القصربن..بنغازي..الحولة..حمص.. تلبيسة..غزة..وسقط نتيجته الأبرياء منهم النساء والأطفال الذين سقت دمائهم الزكية درب الحرية في هذا الوطن المتدد من البحر إلى البحر لإسقاط أنظمة لطالما لم تعبئ بإرادة الشعوب إذا ما أرادت الحياة.

وما كان ذلك ليحصل لولا ضعف الآليات الوطنية والإقليمية وإنعدام الآليات الدولية للحد من إنتشار الأسلحة وتنظيم الإتجار بها.

إن صيحات الفزع التي أطلقها المجتمع المدني الدولي منذ عقد من الزمن كانت ولاتزال المنبه الأقوى لجعل المنتظم الأممي أكثر وعيا كونيا لضبط ومراقبة تجارة الأسلحة عبر العالم  وهو السبب الرئيس وراء إقتراف " فائض من العنف وفائض من إراقة الدماء ..وفائض من الاعتداء الفاحش على أدنى شروط الحياة ".

إن توفر السلاح والإتجار به دون ضوابط أمر غير مقبول وإن كنا نريد السلاح لمقاومة الإحتلال وحماية الأوطان وحفظ حق الشعوب في تقرير مصيرها، فإننا لا نريد السلاح من أجل إرتكاب خروقات خطيرة لحقوق الإنسان وارتكاب الجريمة المنظمة، والقيام بالأعمال الإرهابية، وتقويض مسار التنمية، وتعميق هوة  الفقر، وترسيخ ممارسة الفساد، وتمجيد لغة العنف على كل أنواعه.

لقد جئنا هنا محملين بآلام الناس و أوجاعهم، من أم فقدت إبنها في تونس.. لذلك الجريح في ليبيا.. وعشرات الآلاف من المهجرين، و المعتقلين، و المختطفين في سوريا..حيث أن الأدلة على إرتكاب جرائم ضد الإنسانية على أيدي الدولة السورية في إزدياد. وإن وجود معاهدة فاعلة و قوية لتجارة الأسلحة من شأنه أن يساعد على الحد من توريد الأسلحة إلى مختلف الفرقاء هناك و منع حصول مثل تلك الجرائم.

السيد الرئيس،

إن حقوق الإنسان هي تماماً كما حقوق الشعوب بتقرير مصيرها وحقوق الدول بسيادتها واستقلالها، فما عانته ليبيا منذ
قرارالشعب إسقاط النظام سلميا ما كان لولا توفر السلاح وإستخدامه قتلاً ودماراً. كذلك الثورات الدموية، التي مرَّت بها كلّ من اليمن، والبحرين، واليوم في سوريا والسودان وحدث و لا حرج عن معاناة الفلسطينين..معاناة لم تنتهي فصولا حتى يومنا هذا. أين كانت الضوابط الأخلاقية والقانونية لكل هذا، نعم، إننا ننتظرهذه المعاهدة، و نحن بأشد الحاجة إليها، فلتكن إتفاقية تجارة الأسلحة، هي ذلك الإطارالقانوني الملزم لكل هذه الضوابط. إن الواقعية تقول بأن لا نحمّلها ما لا طاقة لها، فنجعل منها الإطار الوحيد لحلّ كل هذه المشاكل التي تعانيها منطقتنا والعالم، وهذا أمر مستحيل، إنما أيضاً الواقعية تقول أن تنظيم الإتجار بالسلاح والحد من فوضى تداوله أمر ممكن يساهم بشكل إيجابي في الحد من العنف المسلح ويعزز فرص السلام وبنائه في دولنا كما في العالم بأسره.

السيد الرئيس،


إننا نعترف بأهمية نزع السلاح النووي وجعل منطقة الشرق الأوسط  خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، ونأمل وصول هذا المسار إلى خواتمه المرضية في المؤتمر المخصص له في نهاية العام الجاري، إنما هذا لا ينتقص إطلاقا من إعتبار المؤتمر الحالي فرصة  تاريخية  لتقنين تجارة الأسلحة التقليدية.

لاشك أبدا في مشروعية حق الدول في الدفاع عن النفس، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم جواز إحتلال أراضي الغير، وإقرار حق الدول بسيادتها الوطنية ووحدتها الترابية و بالتالي حقها المشروع في إنتاج، وتصدير، واستيراد، ونقل الأسلحة التقليدية. فالمطلوب من هذه الإتفاقية هو تنظيم الإتجار وعدم إعطاء الفرصة لأي إستغلال سياسي   أو تجاري أو إقتصادي من أي جهة كانت.
ولقد تابعنا في هذا المؤتمر تدخلات وفود الدول التي سلطت الضوء بكثافة على الجوانب الإجرائية نذكر جدول أعمال، وها نحن اليوم ندعوكم بإلحاح للدخول في صلب موضوع المعاهدة بتلك الحماسة، للدفاع عن صك قانوني يحمي حقيقة، شعوب المنطقة و العالم بأسره.

إن المعاهدة العالمية التي ننتظرها يجب أن تشمل الأسلحة الأمنية و الشرطية، و التي استخدمت لقمع الإحتجاجات السلمية خلفت موتى وجرحى في دول عديدة منها تونس و ليبيا ومصر، والتي ما برحت تستخدم حتى الآن في سورية و البحرين. ولقد جاء في تقرير منظمة العفو الدولية لشهر أكتوبر الماضي " أن  الدول الرئيسية التي تصدر السلاح إلى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في السنوات الأخيرة هي النمسا وبلجيكا وبلغاريا وجمهورية التشيك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية."

إن منظمات المجتمع المدني في منطقتنا تؤكد مع التحالف الدولي للحد من الأسلحة على وجوب أن تعتمد المعاهدة على واجبات الدول القانونية ومسؤولياتها الأخرى.

نأمل من بعثاتكم الكريمة المساهمة الإيجابية، والفعالة، من أجل صياغة إتفاقية عالمية، فاعلة، و قوية، تتماهى مع آمال الشعوب و تطلعاتها. نعم، المطلوب الإرتقاء إلى تطلعات الشعوب، كفاها معاناة إنها تستحق الكرامة و ليس الإذلال..تستحق الحرية وليس الإستعباد..تستحق الحياة و ليس الموت.

فلنعمل جميعا معا و بشكل متكامل منظمات مجتمع مدني و منظمات إقليمية ودولية ودول على حد سواء من أجل عالم حر و شعوب سعيدة آمنة.


شكرا.







Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire